17/11/2024–|آخر تحديث: 17/11/202416:33 (بتوقيت مكة)
يُعرف نبات الإيفيدرا الآن بخصائصه الطبية، حيث تم استخدامه لعلاج أمراض الجهاز التنفسي، فضلاً عن استخدامه كمضيق للأوعية، والذي يمكن أن يكون مفيدًا في تقليل فقدان الدم أثناء العمليات الجراحية مثل قلع الأسنان.
ومع ذلك، خلص فريق بحث دولي، يضم باحثين من إسبانيا وبريطانيا العظمى والمغرب، إلى… لتحليل ويعتقد الباحثون، الذي نشرته مجلة Scientific Reports، أن “أقدم استخدام لهذه النبتة لأغراض جنائزية” موجود في منطقة مغارة الحمام (تافوجالت) شمال المغرب.
وفي تصريح خاص للجزيرة نت، قال نيك بارتون الأستاذ بمعهد الآثار بجامعة أكسفورد في بريطانيا وأحد المشاركين في الدراسة: “يعد موقع تافوغالت من أشهر المواقع الأثرية في العالم” شمال أفريقيا، ساهمت عمليات التنقيب والاكتشاف في فهم أعمق للحياة في العصر الحجري، ويقع الكهف في منطقة جبلية جافة، مما جعله بيئة مثالية للحفاظ على البقايا النباتية، ولكن العامل الأهم في وجوده. كانت عملية الحفظ هي عملية حرق نبات الإيفيدرا الموجود في الموقع.
عادة، تتحلل النباتات مع مرور الوقت، ولكن في هذا الموقع، وجد الباحثون أن بقايا الإيفيدرا قد تم حرقها، والتي حفظت بقايا الفحم لأكثر من 15000 سنة.
وتنطوي عملية الحرق على تحويل المادة العضوية إلى فحم، وهذه العملية التي تسمى “الكربنة” تحمي النباتات في كهف الحمام من التحلل الطبيعي للبكتيريا والفطريات التي تتغذى على المواد العضوية.
لماذا تم تفضيل استخدام الجنازة؟
وفي الفترة بين عامي 2005 و2015، عثر الفريق البحثي على العديد من المقابر البشرية في الكهف، وكان أبرزها المدفن المسمى (الفرد 14)، والذي لا يحتوي على بقايا بشرية فحسب، بل يحتوي أيضًا على عناصر فريدة مثل عظام الحيوانات ومناقير الطيور. ، وبقايا النباتات، من بين أمور أخرى… نبات الإيفيدرا.
ومن بين البقايا تم العثور على 23 ورقة مخروطية محترقة من نبات الإيفيدرا، وأكد التأريخ المباشر بالكربون المشع (طريقة علمية تستخدم لتحديد عمر المواد العضوية عن طريق قياس كمية الكربون المشع التي تحتوي عليها) أنها بقايا الإيفيدرا ومقابر بشرية. وفي الوقت نفسه، مما يشير إلى أنه كان نباتًا، فقد تم استخدامه عمدًا جنبًا إلى جنب مع ممارسات الدفن.
الإفيدرا نبات معمر معروف بخصائصه الطبية، ويستخدم في العديد من الثقافات حول العالم حتى يومنا هذا، ومن خلال معرفة العلماء المعاصرين، فإن نبات الإيفيدرا غني بالمركبات الكيميائية المستخدمة في العلاجات الطبية. مجموعة من الحالات الصحية، مثل مشاكل التنفس والتهاب المفاصل وأيضاً كمنشط للجهاز العصبي.
في العصور القديمة، ربما كان للنبات أيضًا استخدامات غذائية، حيث أنه يحتوي على نسبة عالية من البروتين والدهون، وربما استخدم الإنسان القديم أوراقه أو سيقانه كطعام يؤكل مباشرة أو يتم تحضيره كشاي. أو نبات طبي، ويشير هذا الاستخدام إلى الدور الذي يمكن أن تلعبه الثنائية، كغذاء ودواء، في الأنشطة الطقسية والطبية التي تجري في المكان.
ورجح الباحثون أن استخدامه في الأنشطة الجنائزية قد يكون بسبب الخصائص العلاجية للنبات، والتي قد تكون مرتبطة بتخفيف الألم أو المساعدة في شفاء الأمراض، كما ربما تم استخدامه في طقوس رعاية الموتى أو إعدادهم للحياة الآخرة. . وأوضح بارتون أن الإيفيدرا هو أقدم استخدام للنبات.
وعلى الرغم من عدم وجود دليل على استخدام الإيفيدرا في سياقات جنائزية أو طقوسية في الحضارات الأخرى، يقول بارتون: “إن هذا الاكتشاف يفتح أبوابًا جديدة لفهم كيفية استيعاب البشر القدماء للفوائد العلاجية للنباتات”.
فهم أعمق لدور النباتات
وتعتمد العديد من الدراسات الحديثة للنباتات القديمة على أدوات تحليلية متقدمة، حيث قام الباحثون بتحليل بقايا الإيفيدرا باستخدام مجموعة متنوعة من الأساليب العلمية، بما في ذلك التحليل المجهري والتحليل الكيميائي لبقايا الفحم.
وعلى الرغم من أن الباحثين لم يتمكنوا بعد من التعرف الدقيق على المركبات الكيميائية المتبقية في النبات نتيجة الحرق، إلا أن فريق البحث اعتمد على المعرفة العلمية المعاصرة للخصائص الطبية لنبات الإيفيدرا.
يقول بارتون: “لا يوجد سبب بيولوجي للاعتقاد بأن الإيفيدرا في بيجون كوف كان مختلفا عن الأنواع الحديثة. ونحن نعلم من العلم الحديث أن للإيفيدرا العديد من التطبيقات الطبية، ومن المعقول افتراض أن الناس استخدموه في الماضي”. إن استخدامها لأغراض مماثلة يعد خطوة مهمة للنباتات لفهم دورها في حياة الإنسان القديم.
ويشير هذا الاكتشاف إلى أن الإنسان البدائي لم يكن يعتمد فقط على الصيد وجمع الطعام، بل كان يعرف أيضًا خصائص النباتات واستخدامها في مجالات الطب والطقوس.
وأضاف بارتون: “هذه النتائج تجعلنا نعيد التفكير في الأنماط والطقوس الثقافية التي كانت تمارس في العصر الحجري، وقد تؤدي إلى مزيد من البحث في مواقع أخرى في المغرب وشمال أفريقيا”.
اكتشف المزيد من المواقع
وتتواصل الأبحاث في مغارة الحمام حيث يواصل فريق العلماء إجراء حفريات جديدة مع خطط لاستكشاف مواقع أثرية أخرى في شمال المغرب، حيث قد تكشف مثل هذه الحفريات عن بقايا نباتات مماثلة.
يعد هذا البحث جزءًا من مشروع أكبر يهدف إلى فهم كيفية تفاعل إنسان النياندرتال مع بيئته الطبيعية، واستخدامه للنباتات ليس فقط كمصدر للغذاء، ولكن أيضًا كأدوات طبية وطقوسية.